الموقع الرسمي للاستاذ الدكتور مضر خليل عمر الكيلاني
مقالات مشابهة
أيها افضل : الجغرافيا الطبيعية ام البشرية ؟
أ.د. مضر خليل عمر
المتابع لدراسة الجغرافيا في الجامعات العراقية ، الدراسات العليا على وجه الخصوص ، قد يلاحظ عدم الوضوح عند حاملي الشهادة الجامعية الاولية في تخصص الجغرافيا ، فهناك من اكمل الدراسة العليا في تخصص جغرافية الزراعة اولا ثم اكمل الدكتوراه في جغرافية المدن ، و البعض الاخر اكمل بتخصص الجيومورفولوجيا ، و الحالات كثيرة . ولعل في المرحلة الاولى من فتح الدراسات العليا كان للمشرف دور كبير في تحديد الاختصاص وتوجيه الطلبة لاكمال الدراسة العليا . والغريب ان الحال تفاقم واضحى ظاهرة مملة ، من خلال طرح تساؤلات من قبل خريجي اقسام الجغرافيا (ولعل البعض منهم يريد اكمال الدراسة العليا ، ولكنه لم يتلذذ بمعرفة واسعة ومعمقه لتخصص دقيق معين ليختاره مهنة و اختصاص) .
تكررت التساؤلات الاتية ، ايها أسهل : الجغرافيا البشرية ام الجغرافيا الطبيعية ؟ ايها افضل : الجغرافيا البشرية ام الجغرافيا الطبيعية ؟ كيف نحدد التخصص الدقيق في الجغرافيا ؟ واجزم بان سبب ذلك هو نقص في استيعاب خريجي اقسام الجغرافيا لجوهر الجغرافيا وطبيعتها ، والعلاقة التكاملية بين الظواهر الجغرافية الطبيعية والبشرية ، و ايضا ، يجهلون ان الجغرافيا تطبيقية بجميع تخصصاتها و تفرعاتها العامة و الدقيقة (والتطبيق يعني خدمة المجتمع) . ولعل لتدريس الفكر الجغرافي ، مادة واسلوبا دور اساسي في عدم الوضوح والاستيعاب السليم ، و كذلك ، عدم كتابة الطلبة لمقالات مكملة ومعززة لكل مادة يدرسوها في الدراسة الجامعية الاولية دور في ضبابية الفكر الجغرافي عند الخريجين ، وعدم تمييزهم للتخصصات الفرعية في الجغرافيا . بعبارة ادق ، نقص في القراءات الخارجية والاعتماد على الكتب المنهجية (ان وجدت).
وللتوضيح ، والتذكير ايضا ، تستلزم التخصصات الجغرافية المبينة في ادناه المعرفة الجيدة للجوانب الطبيعية والبشرية لمنطقة الدراسة : جغرافية الزراعة ، جغرافية الصناعة ، جغرافية النقل ، جغرافية التجارة ، جغرافية السياحة ، جغرافية الريف ، جغرافية الجبل ، جغرافية الري ، جغرافية المدن ، جغرافية الموارد الطبيعية ، جغرافية التنمية ، جغرافية السياسة ، جغرافية المناطق الجافة ، جغرافية المخاطر الطبيعية ، جغرافية الثقافة ، والعديد غيرها .
ولننظر الى العلوم الاخرى ، عسى ان نجد فيها شيء من التفاضل بين الاختصاصات الدقيقة (او العامة منها) . العلوم الهندسية : المعماري لا يستغني عن المدني ، المدني لا يتجاهل هندسة الطرق و الجسور ، وجميعها لا تتجاوز الهندسة الصحية والبيئية . كذا الامر مع العلوم الطبية : القلبية ، الباطنية ، الجراحة التخصصية ، العظام ، العصبية ، طب المجتمع . قد يميل البعض الى تمييز الذات او التخصص لغاية في نفسه ، ولكن الواقع يقول غير هذا . لا يمكن لاي تخصص علمي دقيق ان ينفرد في دراسة موضوع ما دون الاعتماد او الاخذ بما ورد في العلوم الاخرى وله صلة . هذه سنة الحياة ، الافضل هو من يقدم الافضل والاحسن لخدمة المجتمع و معالجة مشاكله .
المشكلة ليست في من يطرح السؤال ، انما العلة في منح شهادة اختصاص دون التاهيل العلمي المناسب . المشكلة في المنهج ، في طريقة التدريس ، في النظام التعليمي . ((طيحان الحظ)) ليس المقصود بها السائل ، بل النظام التعليمي العام . انه هو وحده من يتحمل المسئولية كاملة عن ما وصل اليه الحال . اعتذر فقط للجغرافيا كعلم لما اصابها من سوء فهم ، ونقص في ادراك فلسفتها و جوهرها الانساني .
