الجغرافية بين المعرفة و العلم
أ.د. مضر خليل عمر
وردني سؤال على الخاص من احد الاخوان ((الجغرافية هل هي علم ام معرفة ؟ اذا كانت علما ، فلماذا ليس لها قوانينها الخاصة بها ؟ )) ، هذه التساؤلات ترد من المختصين و غيرهم على حد سواء ، ولهم الحق في طرحها على المعنيين بالفكر الجغرافي ، وذلك لان طرائق تدريس الجغرافيا ومناهج تعليمها قاصرة في المنظور العلمي والجانب التطبيقي لموضوعات الجغرافيا . ستكون اجابتي بصيغة نقاط ذات صلة بالاسئلة ، و اتمنى ان تكون مقنعة و شافية .
اصل العلوم جميعا الملاحظات الميدانية ومحاولات تفسيرها ، وفي التفسير ياتي التامل والتفكر في ما هو غير ملموس وما لا يدرك بيسر ، فجاءت الفلسفة الميتافيزيقية لتقود الفكر الانساني ، وتولت الرياضيات تجريد المعرفة وتحويلها الى قوانين حتمية . بعبارة ادق ، الفيزياء و الرياضيات محوري تطور الفلسفة والتفكير العلمي – الفلسفي ، والى يومنا هذا . فالمعرفة الميدانية الاولية كانت البداية والمنطلق ، انقادت مسيرة العلوم لاحقا وتوجهت بنور افاق ورؤى الفلسفة (فكريا) مستعينة بالرياضيات (للحتميات) و الاحصاء (للاحتماليا) للتحقق من صواب التصور و التخمين ، ((التجريبية)) كل حسب اختصاصه وطبيعة ما يدرسه ويهتم به . بمعنى اخر ، المعرفة تسبق العلم ، وما يصل البحث العلمي اليه من نتائج تضاف الى المعرفة ، فتحث عملية التفكير والتبصر ، فتتسارع حركة العلم مسترشدة بالفلسفة ومدارسها ومناهجها وتطبيقاتها . فالعملية حلقية البداية والنهاية هي المعرفة ، وما يصنع المعرفة هو العلم و يطورها .
بدات الجغرافيا (كغيرها من العلوم) معرفة منذ ان فكر الانسان باستكشاف البيئة التي كان يعيش فيها كي ينظم حياته و نشاطاته اليومية من عمليات الجمع والالتقاط والصيد ، اولا ، والزراعة ثانيا ، والتجارة ثالثا ، والصناعة والعولمة لاحقا . وفوق هذا اصبحت اساسا عمليا لتنظيم امور الحكم : الاقتصادية والادارية والاجتماعية و السياسية ، ومنذ دويلات المدن وقبل تشكل الامبراطوريات القديمة . من هناك بدأ التفكير في الموضع والموقع ، في المكان والمسافة واثرهما على جميع نشاطات الانسان وممارساته اليومية . هذه هي ركائز الجغرافيا : معرفة وعلما ، فهل يمكن الاستغناء عنها ؟
للجغرافيا نظريات ، الاماكن المركزية ، تداعي اثر المسافة ، اي شيء مرتبط بكل شيء ، والنظريات الجيوبولتكس جميعها جغرافية . ولجميع العلوم موضوعات و مواد ذات بعد مكاني ، فهي تشترك مع الجغرافيا وتكون على تماس معها من هذه النقطة \ المحور . ولا يركز الجغرافي على العمليات المشكلة والمؤثرة على نقاط التماس (الموضوعات المشتركة) هذه كما يفعل المختص بها في العلوم الاخرى ، ولكنه يستفيد منها في تفسير الظاهرة المكانية ذات الصلة ، و تحليل مسارها (دورة حياتها) و التحسب لما ستئول اليه في المستقبل القريب .
الجغرافيا تدرس قشرة الارض ، وما على سطحها وما يؤثر عليها و علاقة ذلك بالانسان و حياته وكل ما يتعلق بها . وقشرة الارض تحتوي اجزاء ذات طبيعة صلبة (جيولوجيا ، تربة ، مظاهر سطح الارض) ، سائلة (انهار وبحيرات وبحار ومحيطات) و غازية (الغلاف الغازي المحيط بالكرة الارضية) ، وما يعيش عليها من حيوانات و حشرات و نباتات و فطريات . وجميع هذه المكونات تشكل البيئة التي يعيش الانسان فيها وينشط ، وفيها يركز (الجغرافي) بالدرجة الاساس على معرفة مواقعها (موضع وموقع) وطبيعتها (خصائصها) وما يمكن ان يستفيد منها (تطبيق) وال كيفية التي تؤثر بها على حياته . فالجغرافيا تمتاز بالشمولية لجمعها بين عناصر الحياة الطبيعية والبشرية على سطح الكرة الارضية . فدراسة الطبيعة هدفها منفعة الانسان و خدمته ، وليست ترفا علميا .
قيل سابقا (( ما لا يرسم بخارطة ليس بجغرافية )) ، والان الخارطة بمضمونها المركزي المكاني اصبحت محور عمل جميع المؤسسات المدنية والعسكرية ، محليا و وطنيا و عالميا ، وذلك بفضل نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد وقواعد البيانات المكانية و طرائق التحليل المكاني و الجغرافي . هنا اصبحت المعرفة الجغرافية (بمفهومها العام) جزء لا يتجزأ من اي عمل علمي او فني او اداري يعتمد مخرجات نظم المعلومات الجغرافية وبغض النظر عن الاختصاص . ولكن اين علم الجغرافيا في هذا ؟ هنا لا مناص من ربط اهداف العمل العلمي و ونتائجه بالفكر الجغرافي – فلسفة المكان ليكون ضمن تخصص علم الجغرافية . بدون هذا الربط لا يمكن عد النتئج علما جغرافيا ، بل معرفة مكانية \ جغرافية .
في جامعات العالم المتقدم يصنف علم الجغرافيا (كقسم علمي) ضمن : علوم الارض ، العلوم المكانية ، العلوم الاجتماعية ، العلوم السياسية ، العلوم التطبيقية . ولا ننسى أن هناك ميادينا علمية متداخلة التخصصات لها اقسامها العلمية في الجامعات ، مثل : العلوم التخطيطية ، علوم البيئة والايكولوجيا ، علوم البحار وغيرها . ما يميز اي من هذه العلوم وجود شيئا مشتركا بين تخصصاتها لا تحيد عنه عند العمل المشترك . فالجسر لا يقصد به الاعمدة الحامله له بل ما يوصل بينها و يحقق الغرض من وجود الجسر . فالتخطيط ، على سبيل المثال لا الحصر ، معنى باستثمار التخصصات المختلفة وصهرها في بوتقة الرؤيا والهدف الاستراتيجي للخطة . للتخطيط نظرياته الخاصة به ، وعمله بسياق فرق عمل متعددة التخصصات ، بهذا تكون النظرية التخطيطية هي الرائدة لتقود الحوار للافادة من نظريات العلوم الاخرى وتسخرها لصالح الخطة و الهدف المرسوم .
نظم المعلومات الجغرافية ، متعددة التخصصات ، ولكنها لا تشكل علما بحد ذاته ما لم تكن هناك وشيجة تربط بين تخصصات العاملين فيها . هذه الوشيجة قد تكون نظرية اجتماعية او هدف مشترك ورؤية مستقبلية لعملية تطوير التقنيات والاليات لتشكل نظاما متكاملا يحقق الاهداف المنصوص عليها . فالنظم هي مجموعة تقنيات ، و علم المعلومات الجغرافية علم له اسسه و مختصيه ، والفرق بينهما كبير جدا . كذا الحال بالنسبة لعلم الاحصاء ، له استخداماته المنوعة والعديدة ، وطرائقه التي تناسب مختلف التخصصات ، ولكنه يرتكز على اسس نظرية رصينة . فلا يمكن القول ان الاحصاء الجغرافي فرع مستقل عن علم الاحصاء ، بل تطبيق لطرائق احصائية على بيانات جغرافية (المصفوفة الجغرافية) . وتدريسي مادة الاحصاء الجغرافي قادر على تكييف الطرئق الاحصائية لخدمة البحث الجغرافي عندما يكون بخلفية جغرافية رصينة و معرفة واسعة بالاحصاء وطرائقه . فالجغرافي المتمرس بنظم المعلومات و له دراية كافية بالتحليل المكاني يبقى جغرافيا طالما تمسك واسترشد بفلسفة الجغرافيا و نظرياتها . وهو في هذه الحالة يقدم للجغرافيا الكثير ويطور تخصصه الدقيق فيها طالما رجله على الارض ورأسه في سماء العلوم الاخرى .
بتشظي الجغرافيا بين التخصصات الدقيقة الجديدة حق للبعض ان يقول بوجود جغرافيات بعدد الموضوعات التي تطرحها . ولكن ، يبقى دوما والى الابد ، ما لا يتم تحليله باسس جغرافية و يفسر بمنظور فلسفتها ، قد يكون مكانيا (لاعتماده الخريطة) ولكنه ليس جغرافيا . نعم ، وايضا كما قيل بان الجغرافيا هي المكان و المكان هو الجغرافيا ، ولكن شتان بين من يتعامل مع المكان وتنظيم فضاءه برؤية شمولية متكاملة (طبيعيا وبشريا) و بين من يبقى معصوب العين احاديها ينظر من خلال التخصص الدقيق او التقنية وما افرزته من نتائج . في الواقع الجغرافيا بمعناها العلمي الدقيق و (الكلاسيكي) تتحقق فقط عند دراسة مكان ما بسياقات الدراسة الاقليمية : التفاعل والتكامل بين عناصر المكان لتشكل اقليما مميزا ، لترسم ملامح شخصيته التي يعرفها القاصي والداني . تلك هي الجغرافيا التي يأنف البعض منها ، لانه غير قادر على استيعاب كنهها وفلسفتها .
فالجغرافيا علم عندما نتعامل معه باسسه وقوانينه ومنهجه ، وهي معرفة ما خلا ذلك ، حتى وان نلنى شهادات اكاديمية عليا بها .
وردني سؤال على الخاص من احد الاخوان ((الجغرافية هل هي علم ام معرفة ؟ اذا كانت علما ، فلماذا ليس لها قوانينها الخاصة بها ؟ )) ، هذه التساؤلات ترد من المختصين و غيرهم على حد سواء ، ولهم الحق في طرحها على المعنيين بالفكر الجغرافي ، وذلك لان طرائق تدريس الجغرافيا ومناهج تعليمها قاصرة في المنظور العلمي والجانب التطبيقي لموضوعات الجغرافيا . ستكون اجابتي بصيغة نقاط ذات صلة بالاسئلة ، و اتمنى ان تكون مقنعة و شافية .
اصل العلوم جميعا الملاحظات الميدانية ومحاولات تفسيرها ، وفي التفسير ياتي التامل والتفكر في ما هو غير ملموس وما لا يدرك بيسر ، فجاءت الفلسفة الميتافيزيقية لتقود الفكر الانساني ، وتولت الرياضيات تجريد المعرفة وتحويلها الى قوانين حتمية . بعبارة ادق ، الفيزياء و الرياضيات محوري تطور الفلسفة والتفكير العلمي – الفلسفي ، والى يومنا هذا . فالمعرفة الميدانية الاولية كانت البداية والمنطلق ، انقادت مسيرة العلوم لاحقا وتوجهت بنور افاق ورؤى الفلسفة (فكريا) مستعينة بالرياضيات (للحتميات) و الاحصاء (للاحتماليا) للتحقق من صواب التصور و التخمين ، ((التجريبية)) كل حسب اختصاصه وطبيعة ما يدرسه ويهتم به . بمعنى اخر ، المعرفة تسبق العلم ، وما يصل البحث العلمي اليه من نتائج تضاف الى المعرفة ، فتحث عملية التفكير والتبصر ، فتتسارع حركة العلم مسترشدة بالفلسفة ومدارسها ومناهجها وتطبيقاتها . فالعملية حلقية البداية والنهاية هي المعرفة ، وما يصنع المعرفة هو العلم و يطورها .
بدات الجغرافيا (كغيرها من العلوم) معرفة منذ ان فكر الانسان باستكشاف البيئة التي كان يعيش فيها كي ينظم حياته و نشاطاته اليومية من عمليات الجمع والالتقاط والصيد ، اولا ، والزراعة ثانيا ، والتجارة ثالثا ، والصناعة والعولمة لاحقا . وفوق هذا اصبحت اساسا عمليا لتنظيم امور الحكم : الاقتصادية والادارية والاجتماعية و السياسية ، ومنذ دويلات المدن وقبل تشكل الامبراطوريات القديمة . من هناك بدأ التفكير في الموضع والموقع ، في المكان والمسافة واثرهما على جميع نشاطات الانسان وممارساته اليومية . هذه هي ركائز الجغرافيا : معرفة وعلما ، فهل يمكن الاستغناء عنها ؟
للجغرافيا نظريات ، الاماكن المركزية ، تداعي اثر المسافة ، اي شيء مرتبط بكل شيء ، والنظريات الجيوبولتكس جميعها جغرافية . ولجميع العلوم موضوعات و مواد ذات بعد مكاني ، فهي تشترك مع الجغرافيا وتكون على تماس معها من هذه النقطة \ المحور . ولا يركز الجغرافي على العمليات المشكلة والمؤثرة على نقاط التماس (الموضوعات المشتركة) هذه كما يفعل المختص بها في العلوم الاخرى ، ولكنه يستفيد منها في تفسير الظاهرة المكانية ذات الصلة ، و تحليل مسارها (دورة حياتها) و التحسب لما ستئول اليه في المستقبل القريب .
الجغرافيا تدرس قشرة الارض ، وما على سطحها وما يؤثر عليها و علاقة ذلك بالانسان و حياته وكل ما يتعلق بها . وقشرة الارض تحتوي اجزاء ذات طبيعة صلبة (جيولوجيا ، تربة ، مظاهر سطح الارض) ، سائلة (انهار وبحيرات وبحار ومحيطات) و غازية (الغلاف الغازي المحيط بالكرة الارضية) ، وما يعيش عليها من حيوانات و حشرات و نباتات و فطريات . وجميع هذه المكونات تشكل البيئة التي يعيش الانسان فيها وينشط ، وفيها يركز (الجغرافي) بالدرجة الاساس على معرفة مواقعها (موضع وموقع) وطبيعتها (خصائصها) وما يمكن ان يستفيد منها (تطبيق) وال كيفية التي تؤثر بها على حياته . فالجغرافيا تمتاز بالشمولية لجمعها بين عناصر الحياة الطبيعية والبشرية على سطح الكرة الارضية . فدراسة الطبيعة هدفها منفعة الانسان و خدمته ، وليست ترفا علميا .
قيل سابقا (( ما لا يرسم بخارطة ليس بجغرافية )) ، والان الخارطة بمضمونها المركزي المكاني اصبحت محور عمل جميع المؤسسات المدنية والعسكرية ، محليا و وطنيا و عالميا ، وذلك بفضل نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد وقواعد البيانات المكانية و طرائق التحليل المكاني و الجغرافي . هنا اصبحت المعرفة الجغرافية (بمفهومها العام) جزء لا يتجزأ من اي عمل علمي او فني او اداري يعتمد مخرجات نظم المعلومات الجغرافية وبغض النظر عن الاختصاص . ولكن اين علم الجغرافيا في هذا ؟ هنا لا مناص من ربط اهداف العمل العلمي و ونتائجه بالفكر الجغرافي – فلسفة المكان ليكون ضمن تخصص علم الجغرافية . بدون هذا الربط لا يمكن عد النتئج علما جغرافيا ، بل معرفة مكانية \ جغرافية .
في جامعات العالم المتقدم يصنف علم الجغرافيا (كقسم علمي) ضمن : علوم الارض ، العلوم المكانية ، العلوم الاجتماعية ، العلوم السياسية ، العلوم التطبيقية . ولا ننسى أن هناك ميادينا علمية متداخلة التخصصات لها اقسامها العلمية في الجامعات ، مثل : العلوم التخطيطية ، علوم البيئة والايكولوجيا ، علوم البحار وغيرها . ما يميز اي من هذه العلوم وجود شيئا مشتركا بين تخصصاتها لا تحيد عنه عند العمل المشترك . فالجسر لا يقصد به الاعمدة الحامله له بل ما يوصل بينها و يحقق الغرض من وجود الجسر . فالتخطيط ، على سبيل المثال لا الحصر ، معنى باستثمار التخصصات المختلفة وصهرها في بوتقة الرؤيا والهدف الاستراتيجي للخطة . للتخطيط نظرياته الخاصة به ، وعمله بسياق فرق عمل متعددة التخصصات ، بهذا تكون النظرية التخطيطية هي الرائدة لتقود الحوار للافادة من نظريات العلوم الاخرى وتسخرها لصالح الخطة و الهدف المرسوم .
نظم المعلومات الجغرافية ، متعددة التخصصات ، ولكنها لا تشكل علما بحد ذاته ما لم تكن هناك وشيجة تربط بين تخصصات العاملين فيها . هذه الوشيجة قد تكون نظرية اجتماعية او هدف مشترك ورؤية مستقبلية لعملية تطوير التقنيات والاليات لتشكل نظاما متكاملا يحقق الاهداف المنصوص عليها . فالنظم هي مجموعة تقنيات ، و علم المعلومات الجغرافية علم له اسسه و مختصيه ، والفرق بينهما كبير جدا . كذا الحال بالنسبة لعلم الاحصاء ، له استخداماته المنوعة والعديدة ، وطرائقه التي تناسب مختلف التخصصات ، ولكنه يرتكز على اسس نظرية رصينة . فلا يمكن القول ان الاحصاء الجغرافي فرع مستقل عن علم الاحصاء ، بل تطبيق لطرائق احصائية على بيانات جغرافية (المصفوفة الجغرافية) . وتدريسي مادة الاحصاء الجغرافي قادر على تكييف الطرئق الاحصائية لخدمة البحث الجغرافي عندما يكون بخلفية جغرافية رصينة و معرفة واسعة بالاحصاء وطرائقه . فالجغرافي المتمرس بنظم المعلومات و له دراية كافية بالتحليل المكاني يبقى جغرافيا طالما تمسك واسترشد بفلسفة الجغرافيا و نظرياتها . وهو في هذه الحالة يقدم للجغرافيا الكثير ويطور تخصصه الدقيق فيها طالما رجله على الارض ورأسه في سماء العلوم الاخرى .
بتشظي الجغرافيا بين التخصصات الدقيقة الجديدة حق للبعض ان يقول بوجود جغرافيات بعدد الموضوعات التي تطرحها . ولكن ، يبقى دوما والى الابد ، ما لا يتم تحليله باسس جغرافية و يفسر بمنظور فلسفتها ، قد يكون مكانيا (لاعتماده الخريطة) ولكنه ليس جغرافيا . نعم ، وايضا كما قيل بان الجغرافيا هي المكان و المكان هو الجغرافيا ، ولكن شتان بين من يتعامل مع المكان وتنظيم فضاءه برؤية شمولية متكاملة (طبيعيا وبشريا) و بين من يبقى معصوب العين احاديها ينظر من خلال التخصص الدقيق او التقنية وما افرزته من نتائج . في الواقع الجغرافيا بمعناها العلمي الدقيق و (الكلاسيكي) تتحقق فقط عند دراسة مكان ما بسياقات الدراسة الاقليمية : التفاعل والتكامل بين عناصر المكان لتشكل اقليما مميزا ، لترسم ملامح شخصيته التي يعرفها القاصي والداني . تلك هي الجغرافيا التي يأنف البعض منها ، لانه غير قادر على استيعاب كنهها وفلسفتها .
فالجغرافيا علم عندما نتعامل معه باسسه وقوانينه ومنهجه ، وهي معرفة ما خلا ذلك ، حتى وان نلنى شهادات اكاديمية عليا بها .