متى نتساوى مع (الاوادم) ؟
أ.د. مضر خليل عمر
تساؤل يغضب الكثيرين ، والاجابة التلقائية للبعض (ليش احنا اشبينا مو اوادم ؟) … السؤال المهم : ما هي صفات (الاوادم) التي نفقد بعض منها ان لم يكن معظمها ؟ وبعيدا عن صفات قدوتنا المصطفى النبي المختار (صلى الله عليه وسلم) ، وعن ما سنته الكتب السماوية ، وما عد من سمات ال Gentleman عند الغرب ، حسب اعتقادي ان عدم التحلي بالسمات المبينة في ادناه هي التي تبعدنا عن ان نحمل صفات (الادمي) . وللتذكير فان الغرب (الملحد) قد جسد مبادى الاسلام في سلوك الناس في الشارع وفي اساليب الحكم والادارة فاصبحوا (اوادم) ، نحلم ان نصل الى مستوياتهم الحياتية و الحضارية و الانسانية ، (ولكننا نقلدهم في اسوأ ما يمارسوه) ، رغم اننا المسلمون و هم يحاربون الاسلام علنا . كيف حققوا الاسلام سلوكا يوميا للمجتمع ؟ لماذا لم نجسد نحن الاسلام بسلوكنا اليومي ؟ اليس تناقضا ان يطبقوا هم جوهر الاسلام و في الوقت نفسه يحاربوه كدين ؟ (هل هو موقف سياسي ؟) واليس تناقضا ان نكون مسلمين ولكننا ابعد ما نكون عن جوهر الاسلام وتعاليمه ؟ ما هذه الازدواجية الغريبة ؟ اين الخلل ؟؟؟؟
سمات (الادمي) المتحضر
- احترام الوقت ، يقول كفرة الغرب الماديون (الوقت هو نقود Time is money) ، واحترام الوقت عند الموعد مع الاخرين اي كانوا ، سواء في العمل ، اواللقاءات ، …. مهما كان الموعد و الهدف منه ، فان الالتزام بالوقت دليل على احترام الذات اولا واحترام المقابل ثانيا ، و تعبير حقيقي وجيد عن صدق التعامل مع الاخرين . ولعل العاملين في شركات السياحة في العراق يعانون الكثير الكثير من عدم التزام البعض في الوقت المحدد مما يخلق حالة توتر نفسي وردة فعل عند بقية المجموعة السياحية . ولا حاجة لعرض نماذج من عدم احترام الوقت في مؤسسات الدولة ومسئوليها ، فالحديث عنهم ذو شجون .
- اداء الواجب الوظيفي بمهنية وتجرد من الالتزامات الاجتماعية ، وهنا تكمن العبرات كما يقال ، لان الابتعاد عن القواعد و القيم المهنية يشكل بؤرة للانهيار القيمي و المهني و نقطة لانتشار الفساد بين جميع المستويات في المؤسسة وخارجها . وهنا اسأل من انزعج من تساؤلي اعلاه : هل حققت قيم المهنة بالكامل والتزمت بها رغم ضغوطات (س) و (ص) عليك ؟ هل احترمت مهنتك عندما تجاوزت انت التعليمات و الضوابط والاسس المنصوص عليها ؟ هل ستحترم من هو ملتزم فعلا بالواجب الوظيفي ؟ ام تشرع سيفك لاصقاطه و الطعن والتنكيل به ؟
- احترام القانون والالتزام به ، يضبط القانون سلوكيات الناس في الشارع وفي المؤسسات وحتى في البيوت . بدون القانون تسود الفوضى و يتجرأ البعض لسن (قوانين) جديدة لصالحهم على حساب المصلحة العامة . بغياب القانون تسود شريعة الغاب ، فالغرب قد تحضروا رغما عنهم لوجود حكومات وطنية فرضت قوانين وضوابط تحكم سلوك الافراد في المجتمع . فالقانون هو احد اهم وابرز ادوات التنظيم الحضاري الانساني للمجتمع .
- احترام حقوق الاخرين ، ليس هناك حرية مطلقة ، فحرية الفرد محددة ومحاطة بحرية الاخرين و حقوقهم التي نص عليها القانون والعرف الاجتماعي . ولعل هنا المقتل كما يقال ، فجميع مشاكلنا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية والتربوية هي نتيجة عدم احترام حقوق الاخرين . فالشوارع و مرافق الدولة ومؤسساتها انما هي ملكية عامة ، وغياب الشعور بهذه المسئولية جعلها مرتعا خصبا لمن تحكمه الانا و يرى انه المالك الوحيد لها دون سواه . ولعل ادل مثال على عدم احترام الكثيرين لحقوق الاخرين هو التجاوز عليهم في السره \ المسطر \ Que . اما السباق بين المركبات (على مختلف انواعها و سواقها وخاصة التكتك) وتنافسها للوصول اولا هو دليل اخر مشاهد يوميا في الشارع .
- المحافظة على نظافة البيئة ، وهذه نتيجة حتمية لسيادة القانون و الاحساس بالمسئولية تجاه البيئة و الملكة العامة . فمن لا يحافظ على نظافة البيئة يحاسبه المجتمع ومن ثم القانون في المجتمعات المتحضرة . عندنا : غياب القانون الذي يحاسب ، وغياب الاحساس بالمسئولية تجاه الممتلكات العامة ، وتقصير الجهات الرسمية المعنية ، يكمله و يعززه نقص في البنى التحتية تشكل مربع اللامسئولية القاتل . فكيف يتربى المواطن على النظافة ، ويعدها واجبا وطنيا انسانيا ؟
- التعلم للحياة : التربية المدرسية وتحمل المسئولية ، في الدول المتحضره ، من الدراسة الابتدائية يهتم ببناء شخصية التلميذ و تعويده على التفكير الابداعي لحل مشكلة مع عصف ذهني ، و ممارسات عملية داخل الصف والمدرسة وخارجها . على خلاف ذلك مدارسنا التي تؤكد على حفظ المعلومات و اختبار سرعة استردادها ، مع الغاء مواد دراسية من المنهج تعد مهمة جدا وصاقلة حقيقية لشخصية الطفل وتنمية مواهبه و مداركه . ديننا الحنيف يحث على طلب العلم من المهد الى اللحد ، ويعد العلماء ورثة الانبياء ، ولكن الواقع الذي نعيشة نقيض ذلك . فالشهادة الجامعية لا تؤشر ولا تحقق المستوى العلمي المطلوب منها ولها ، يكمل ذلك الالقاب العلمية (الاكاديمية) التي فقدت قيمتها لفقدانها المصداقية . ناهيك عن المناهج الدراسية المتخلفة و الضعف الفاضح في التاهيل العلمي – المهني للمعلمين و المدرسين .
- الكياسة الاجتماعية ، ومن مفرداتها اللغوية المتداولة : رجاء ، لطفا ، اذا تسمح ، شكرا ، اضافة الى حسن الانصات وعدم المقاطعة واحترام رأي المقابل . يكمل ذلك ثقة (الادمي) بنفسه وبانه صادق في ما يقول ، لذا لا يحتاج الى ان يقسم باي شيء ، و لا لأي سبب كان ليؤكد صدق ما يقوله او يدعيه .
- له هدف في الحياة يسعى اليه ، في المجتمعات المتحضرة ، تتحدد من الدراسة الثانوية شخصية الطالب العلمية – المهنية و يختار الموضوعات والمواد الدراسية التي تؤهله للعمل في مجال معين . فهو يعرف ماذا يريد و كيف يحقق ذلك . وجهت سؤالا الى طلبة الدكتوراه ، ماذا تريد ان تكون بعد نيل الشهادة الجامعية ؟ لا احد يعرف ! والاغرب ان البعض منهم كان اختياره لتخصصه العلمي عشوائيا او بتاثير شخص ما . والانكى من ذلك والادهى طلب بعض طلبة الدراسات العليا المساعدة في اختيار الاختصاص المناسب لهم من اناس لا يعرفوهم ولم يلتقوا بهم سابقا (عن طريق وسائط الاتصال الشائعة اليوم) .
- حياته منظمة ، من حيث وقت العمل والدراسة والعائلة والترويح عن النفس . انعكس هذا على ميزانيته الخاصة و وضع اولويات لا يتجاوزها ، اضافة الى تنظيم الوقت و جدولته . فالرؤية للواقع وللمستقبل موجودة وارادة تحقيق الهدف راسخة .
- لا يتدخل في ما لا يعنيه ، فكل شخص معني بما هو له ، ولا وقت ولا رغبة لديه في حشر أنفه في شئون الاخرين والتدخل في خصوصياتهم . يكون التدخل فقط عندما يطلب منه ذلك او يكون لضرورة انسانية طارئة .
لا يغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما في انفسهم ، والذي لديه اعتراض على سؤالي ، ليكن منطقيا و يصارح نفسه ، كم حقق من هذه السمات في سلوكه اليومي ؟ وعند تعامله مع افراد المجتمع ؟ ليست جميع السمات ذاتية المرجع ، فبعضها ناتج عن تربية مدرسية و عائلية ، او اكتساب من المجتمع المحلي (الاصدقاء) . ولكن التغيير ممكن وليس مستحيلا ، اذا توفرت الارادة للتغيير والانتقال الى مستوى حضاري افضل . مقارنة بسيطة مع سلوك الشعوب والامم الاخرى في الجوار يكون حافزا حقيقيا للتغيير ، والانتقال الى فئة (الاوادم) .
والله ولي التوفيق