الرئيسية / مفالات للحوار الفكري / ثنائية الانسان والطبيعة في الجغرافيا

ثنائية الانسان والطبيعة في الجغرافيا

ثنائية دراسة الانسان والطبيعة في الجغرافيا

          الجغرافيا علم  يدرس بيئة المكان بشمولية (طبيعة ، سكان ، عمران ، مظاهر ارضية) ، مع التركيز على انتظام الاشياء وترتيبها في فضاء المكان : الطبيعية والبشرية و التفاعل بينهما . ودراسة الطبيعة بمعزل عن العامل البشري (سببا او نتيجة) لا تشكل دراسة جغرافية حتى وان رسمت توزيعات مكانية للظاهرة قيد الدرس . فالخريطة لا تعني انها جغرافيا ، بل تحليل  اسباب التوزيع المكاني والنتائج المترتبة على ذلك هي الجغرافيا . و دراسة السكان بمعزل عن العوامل الطبيعية المؤثرة على الحياة لا تشكل دراسة جغرافية . يمكن التركيز على موضوع الدراسة (طبيعي او بشري) ولكن لا يجوز مطلقا اهمال واستبعاد العوامل الاخرى ودورها في الظاهرة قيد الدرس . هذا هو مصدر قوة الجغرافيا كعلم حياتي ، يمس حياة الانسان بكامل تفاصيلها . فعندما يكون السبب طبيعي فالنتيجة بشرية ، وحيثما يكون السبب بشري تكون النتيجة طبيعية ، الاثنان متفاعلان ومتداخلان مع بعضهما البعض بشكل يتطلب دقة وعمق في التشخيص والتحليل والاستدلال.

هل يمكن عد ظاهرة الانحباس الحراري طبيعية ؟ هل يجوز ان تعد ظاهرة التصحر طبيعية ؟ هل يمكن ان ننظر للعمران (المدن) وندرسها بمعزل عن ما يحيط بها (موضع وموقع) ؟ الزراعة كنشاط بشري هل تدرسها الجغرافيا البشرية بمعزل عن العوامل الطبيعية (ماء ، تربة ، مناخ) ؟ كذلك التركيز على التقنيات المعاصرة وابرازها على حساب المضمون الجغرافي هو تجني على علم الجغرافيا . الجغرافيا علم لا يقبل التجزئة ، ولا يقبل المحاصصة . علم يعطي مجالا رحبا للتخصص في جانب معين منه ولكن يبقى المنظور والهدف جغرافي شمولي .  فرفقا بالجغرافيا ، التركيز على احد معطياتها واهمال المعطيات الاخرى هو نحر لعلم الجغرافيا و محاولة فاشلة لزرع اجزاء منها تحت تسميات مختلفة ، وبالمحصلة النهائية لا تثمر هذه العملية جغرافيا حقيقية .

 

عن الدكتور مضر خليل عمر الكيلاني

متقاعد حاليا ، ارحب بكل من يحتاج مساعدة للتعلم واكتساب خبرة في البحث العلمي ، والجغرافيا بشكل خاص ، وكلي استعداد لتقديم يد العون ، لوجه الله .

شاهد أيضاً

المدينة الفاضلة

المدينة الفاضلة           يعد تحقيق مدينة فاضلة والعيش فيها بسلام وامان من اقدم احلام الانسان ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *