ما اكدر اكولن بغلتي ببريجي …. والمن اكولن ؟
أ.د.مضر خليل عمر
ما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي (فر الديلكو) وجعلنا لا نعرف الحقيقة من الخيال ، الصدق من الكذب : كائنات حية لا تنتمي الى نوع معين ، كائنات فضائية ، هياكل عظمية لكائنات لم نشاهدها من قبل ، مبان واهرامات غمرتها المياه ، و عمران انحسرت عنه المياه ، والعديد غيرها . وان كان هذا جميعا ليس (فبركة) وصناعة اعلامية – سياسية ، فما هي الحقيقة ؟ وما وراء ذلك من قصد ؟ و كيف تشكلت مثل هذه الكائنات الغريبة والشاذة ؟ هل هناك اختلالا في كروموسوماتها ؟ ام تدجين فاشل اعتمد الهندسة الوراثية لبعض الكائنات ؟ ام ماذا ؟
لا يحدث الشيئ (اي شيئ كان) فجأة ، فلابد من مقدمات تسبقه ، ومن عوامل ساعدت ، واخرى عملت على حدوثه او ظهوره للعيان . فما هو تاريخ ما نشاهده الان على صفحات التواصل الاجتماعي من اخبار ومعلومات غير مألوفة للعامة ؟ بحكم العمر (75) سنة استذكر اشارات متقطعة للبعض منها وردت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي . ولعل للنشر عبر الشبكة الدولية دور في تنوع و كثافة ما ينشر حاليا ، خاصة وانها تربط و تدعم مقولات قرب نهاية العالم . فخلال خمسينيات القرن الماضي عرضت افلام انكليزية حالة قرية في انكلترا خضعت الى استحواذ خارجي للطاقة فيها ، وبقي الامر مجهولا بدون اتهام لجهة ما . وقد اثار وحش بحيرة لوخنس (اسكتلندا) الرعب و سجلت قصته في فلم سينمائي . ولا ننسى فلم الطيور وهجومها على سواحل اسكتلندا (من اخراج هتتشوك) ، وفلم زوجة رائد الفضاء غيرها من الافلام التي نوهت الى وصول الفضائيين الى الارض . وما تزال قصة مثلث برمودا يشوبها الغموض و القصص العديدة والمنوعة . ولعل افلام الخيال العلمي كانت ايحاءات لما يمكن ان يحدث مستقبلا . بصريح العبارة ، ادت السينما كاداة اعلامية موجهة عالميا تنشر الكثير من الافكار و المواقف و القصص التي طورت لاحقا لتكون حقيقة او شبه حقيقية في ذهن الكثيرين .
كان هذا عن دور السينما في الصورة الذهنية الراهنة عند الكثير من الشباب ، وفي الوقت نفسه كانت الصحف تنشر بين فترة واخرى اكتشافات معالم عمرانية او مظاهر ارضية في امريكا الشمالية و الجنوبية يعتقد انها تعود الى (غزاة) من خارج الارض . ولا ننسى قصص حورية البحر وفلم (رجل من الاطلانطس) وغيرها التي تشير الى وجود كائنات مائية شبيهة بالبشر ويمكن ان تعيش على اليابس و في الماء . فالموضوعات الغامضة ، وغير المألوفة للعامة مشوقة بدرجة كبيرة للجمهور وتشدهم لدعم المنتجين ماديا . استمرت الحملة مع ظهورافلام عن الحديقة الجيولوجية وصراع الانسان مع كائنات عملاقة . ولعل سلسلة حرب النجوم خطوة لتهيئة الاذهان لشيئ ما قد يحدث الان او في المستقبل القريب . للامر بداية ، ولكن ليس له نهاية لحد الان .
ما يمكن قوله تكهنا ، تعرضت بيئة الارض الى تغيرات كبيرة ومتسارعة جراء ما يعرف بالثورة الصناعية ، من حيث استثمار موارد باطن الارض (الفحم ، النفط ، والمعادن الاخرى) ، التلوث بجميع اصنافه وانواعه ، اتساع الرقعة العمرانية على حساب الارض الطبيعية وانتاجها النباتي . ادى هذا الى ما يعرف اليوم بالاحتباس الحراري ، و ذوبان الثلوج ، واحتمالات غرق العديد من المدن ، بما فيها نيويورك . ونتيجة للتغيرات المناخية هذه فقد انحسرت المياه عن اماكن لتظهر معالم حضارة سابقة (في العراق الكثير منها) . ومعروف في اليونان وجود اماكن دمرتها الزلازل مما ادى الى ان تقبع هذه الاماكن في قيعان البحر المحيط بها . كذلك في ايطاليا هناك مدينة دمرها ثوران بركان ، و ترك الرماد البركاني سكانها محنطين كما كانوا ساعة الانفجار. وخلال حقبات زمنية سابقة ساد القراصنة في البحار وسرقوا ونهبوا الكثير ، وجراء صراعهم مع بعضهم البعض فقد اغرقت الكثير من سفنهم بما كانت تحمل من ثروة .
تجوب البحار والمحيطات تيارات بحرية عديدة ، يستفيد منها صائدي الاسمكاك ، الشركات الكبرى منهم بوجه خاص . هذه التيارات تنقل معها انواعا مختلفة من الاحياء البحرية و تجعلها تتداخل وتتعايش مع غيرها في البيئات المائية الاخرى (تيارات دافئة واخرى باردة ، ولكل منها انواعا معينة من الحياة البحرية) . وفي الوقت نفسه اصبحت البحار والمحيطات مكبات للانقاض و النفايات التي لا يمكن دفنها في الارض لسميتها ، وتمت فيها تفجيرات نووية كثيرة . بعبارة ادق ، لم تعد البحار والمحيطات بمنئ من الاثار السلبية للثورة الصناعية وما شكلته من حضارة .
عندما ساد العصر الجليدي سابقا ، غطى مناطق شاسعة من الارض ، وانهى الحياة البرية و المائية حيثما حل . فكما قيل “حضارات سادت ثم بادت” ، كذلك يمكن القول “هناك كائنات سادت ثم بادت” . ويذكرالتاريخ دولة العماليق في الجزيرة العربية (على ما اذكر) . فهناك اجناس وكائنات حية قد انتهى دورها في الحياة على سطح الكرة الارضية (مرحليا على الاقل) . بالجانب الاخر ، تطور علم الوراثة وهندستها ، واصبح الشغل الشاغل لبعض الدول تطوير اجناسا معينة (الاستنساخ و التحسين ابسطها واشهرها) . ولعل جائحة كورونا احد نتائجها العرضية . نتائج هذه التجارب مجهولة عند العامة ، كذلك نتائج نزول الانسان على سطح القمر و سفراته المكوكية للفضاء الخارجي . ولا يغيب عن الذهن تحركات القطب المغناطيسي للارض وما يمكن ان يسببه لجميع الكائنات : العاقلة (تكنولوجيا) وغير العاقلة (الفطرة) ((الحيتان على سبيل المثال لا الحصر ، وكذلك الطيور المهاجرة)) .
وبسيادة نظم المعلومات وبنوكها المركزية و العالمية اصبح المواطن (في كثير من الدول) اسير من يملك المعلومات ، بل ان المسئولين يعرفون تحركاته وسكناته في وقتها ومكانها . وقد يجهل هو الكثير من المعلومات عن نفسه وعائلته واصدقائه وزملائه الا انهم يعرفون كل ذلك وبالتفصيل الممل . فهو لم يعد يعرف حتى نفسه وماذا يريد ، وما هو مستقبله . انه يسير مأخوذا (فاقد الارادة) بالتقنية التي تقوده الى حيث رسم له ان يذهب اليه وان يفعل المطلوب منه .
فماذا نعرف عن انفسنا ؟ عن تاريخنا ؟ عن المستقبل ؟ عن من هم اصدقائنا ، وعن من هم اعدائنا ، ومن هم لا هؤلاء و لا هؤلاء ؟ اصبحنا نصدق ما يريدون و نكذب ما نعرف فعلا . الاعلام خدم الساسة القذرين وحقق لهم كل ما يصبون اليه . مسخرين جميع تقنيات انتاج افلام (الاكشن) و (الخيال العلمي) و مونتاج الصور ليقنعوننا بما يريدون ، فلا حاجة لان نفكر ، وننقد ، ونتحقق من ما نسمع او نرى في وسائل الاعلام و برامج التواصل الاجتماعي . في ستينيات القرن الماضي ، كتب يوجين اونسكو مسرحية ختامها قيام المعلم بقتل طالبه ، اشارة الى ان العلم سيقتل الانسان ، صدق الله وكذب المنجمون وان صدقوا ، وخسئ بغات الشر و الفساد ، ولعن الله كل من ساهم ويساهم في خلق الفوضى غير الخلاقة المبطنة باهداف دنيئة .