ما قبل الزلزال يحدد نتائج ما بعده

ما قبل الزلزال يحدد نتائج ما بعده

الزلازل حدث طبيعي ، قد تفسر لاهوتيا و قد تفسر طبيعيا (غضب الطبيعة على سوء استخدام الانسان للارض) ، كلا التفسيرين مقبولين لانهما يدلان على حقيقة واحدة : نكران الانسان لجميل الطبيعة والاندفاع الاعمى في استغلالها لاغراض شخصية – سياسية لا تخدم ادامة نعيم الحياة السليمة والامنة على سطحها . وقد درس الانسان طبيعة مكونات الكرة الارضية ، وما يحدث فيها داخليا وظاهريا و خارجيا . وقد استحدث الاجهزة المتقدمة لقياس حركة باطن الارض و قشرتها  والغلاف الغازي المحيط بها . بل سبر الانسان اغوار الفضاء الخارجي ليراقب ويتحسس عن بعد ، بعد ان قام بذلك عن قرب .

ما اود الاشارة اليه ، ان نتائج الزلازل من آثار تدميرية ترتبط ارتباطا وثيقا بما قام به الانسان من اعمال في البناء والتعمير . المقصد بالذات : المعايير العمرانية التي يعتمدها في البناء والاعمار ، سواء للسكن او لخزن المياه او مد الجسور والطرق الواصلة بين الاماكن . وقد اعتمد مفهوم التخطيط العمراني المستدام وتنظيراته الكثير الكثير من هذه المفاهيم وتم توظيفها عند التخطيط و التنفيذ و المتابعة الدورية Monitoring Systems  .

لدى وزارة التخطيط  ملاك وظيفي مؤهل علميا بشكل جيد ، وكذلك وزارة البلديات ، وفي المحافظات العراقية جميعا توجد تشكيلات تخطيطية رسمية ، منها دائرة التخطيط العمراني ، التي اعتقد انها تشكل بوابة لحراسة تنفيذ الخطط و التعليمات والتوجيهات التخطيطية و القوانين ذات الصلة . الاسئلة التي تتطلب الاجابة عنها : اي المدن العراقية التي وضعت لها مخططات اساسية Master Plan ، واية محافظة رسمت لها خطة هيكلية Structure Plan تم تنفيذها ؟ وما هي معايير البناء السكني المعتمدة فعليا ؟ فمن الصور التي نقلت عالميا شاهدنا مبان صمدت و اخرى هوت بساكنيها . هل لان سكانها (مؤمنين) ؟ او لان بنائها سليم ؟

ما اود الاشارة اليه ، وجلب الانتباه اليه والتحسب من نتائج اهتزازه طربا او نتيجة عقوبة الطبيعة ، العشوائيات وسوء استخدامها ، تشظية المباني الى مبان قد لا تتجاوز مساحتها (50 متر مربع) ، ومما يعني الكثافة السكنية العالية (ناهيك عن ضغطها الدائم على البنى التحتية المتهرئة) ، المباني الكثيرة (سكنية وتجارية) التي بنيت غسيلا للاموال و السحب  النقدي من المواطنين الابرياء . ماذا يتوقع لمثل هذه المباني  عند حدوث اية هزة ارضية ؟ وما هي نتائج ذلك على السكان المساكين ؟

اعتقد ، بتوفر تقنيات التجسيد المتقدمة Simulation بالامكان تقدير \ تخمين \ تصور \ الاستدلال على مدى فداحة ما يتوقع بدء من ادنى درجات الاهنزاز الى اعلاها . الامر سيكون مسليا للعاملين في مثل هذه التقنيات ، ومؤلما وكارثيا لمن يهتم فعلا بالمواطنين والامهم ومصائبهم التي لا تعد ولا تحصى . حبيبات الكبسلة حينها لا تنفع ولا تخفف من الالم ، نهائيا .

هذا ليس تشائما ، وانما تخوف مواطن ينظر بعين مفتوحة ، والحمد لله انه لم يكبسل بعد .
اعذر من انذر ، والله ولي المؤمنين .