البيئة والتنمية جغرافيا
أ.د. مضر خليل عمر
من الملاحظ ان مفهومي البيئة و التنمية هما الاكثر ضبابية عند الكثيرين ، وغالبا ما يستخدمان بمعنى عام غير محدد . فعلى من يكتب بحثا (رسالة ماجستير\ اطروحة دكتوراه) ، من الجغرافيين على وجه التحديد ، ان يحدد ماهية البيئة \ التنمية التي يقصدها و يؤطرها بمنطقة الدراسة . اي ، تنمية ماذا ؟ ولماذا ؟ هل يقصد تنمية زراعية ؟ صناعية ؟ حضرية ؟ اجتماعية ؟ تعليمية ؟ ريفية ؟ سياحية ؟ نقل وسهولة وصول ؟ خدمات مجتمعية ؟ منافع عامة ؟ سياسية ؟ و عندما يكون الهدف تنمية بيئة ما ، فيجب ان يحدد اي نوع من البيئة ، ولماذا . فهل يقصد البيئة بعناصرها الطبيعية ؟ ام البشرية ؟ فلكل نوع من التنميات المشار اليها انفا بيئتها الخاصة بها . ومن نافلة القول ان التنمية هي في جوهرها وعميق معناها هي تنمية بيئة محددة نوعا ومكانا .
للتذكير والتوضيح :
- ان اسباب الدراسة في غالب الاحيان بروز ظاهرة او مشكلة بيئية في مكان معين . واذا كانت هذه الظاهرة \ المشكلة طبيعية في مظهرها فان ورائها اسبابا بشرية ، والعكس صحيح ، فعندما تكون الظاهرة \ المشكلة بشرية في مظهرها فان ورائها اسبابا طبيعية .
- ربطت منظمة الامم المتحدة بين الجانبين الطبيعي والبشري عندما حددت اهداف التنمية المستدامة في الالفية الثالثة . ينظر منشور وزارة التخطيط المعنون (اهداف التنمية المستدامة : اصلاحات جوهرية) موضحة الاهداف ال (17) التي اتفق عليها عالميا . فدراسة التنمية البيئية المستدامة تتمثل بسبعة عشر موضوعا \ مجالا دراسيا . وهي :
- القضاء على الفقر،
- القضاء التام على الجوع ،
- الصحة الجيدة والرفاه ،
- التعليم الجيد ، حددت مؤشراته ،
- المساواة بين الجنسين ،
- المياه النظيفة والنظافة الصحية ،
- طاقة نظيفة وباسعار معقولة ،
- العمل اللائق ونمو الاقتصاد ، حددت مؤشرات ذلك ،
- الصناعة والابتكار والهياكل الاساسية ، حددت مؤشرات الاتصالات ،
- الحد من اوجه عدم المساواة ،
- مدن ومجتمعات محلية مستدامة ،
- الاستهلاك والانتاج ،
- العمل المناخي ،
- الحياة تحت الماء ،
- الحياة في البر ،
- السلام والعدل والمؤسسات القوية ،
- عقد الشراكاة لتحقيق الاهداف .
- لتحليل الظاهرة \ المشكلة البيئية (الواقع البيئي لمنطقة الدراسة) يمكن اعتماد طريقة تحليل SWOT اي نقاط القوة الذاتية ، نقاط الضعف الذاتية ، المتاح من فرص المعالجة ، المخاطر الخارجية .
- تبدأ الدراسة برسم خريطة ملامح الظاهرة \ المشكلة قيد الدرس في منطقة الدراسة ، تحليل اسبابها و احتمالات تفاقمها ونتائج ذلك في المنظورالقريب والبعيد ، ثم اقتراح سبل معالجتها بمنظور بيئي شمولي تنموي . يلي ذلك تاشير ما يفترض ان تكون عليه الحال بعد المعالجة (رؤية تفائلية مستقبلية).
- الهدف الحادي عشر يمثل مرتعا خصبا للدراسات الجغرافية ، كذلك الامر مع الاهداف الاخرى . فالمدن غرقى بالمشكلات والظواهر الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية – الخدمية التي تتطلب ، بل تستوجب الدراسة العلمية الرصينة ، التي عسى ان يعتمدها المعنيون عند اتخاذ قرارات بهدف المعالجة خدمة للمجتمع والبلد . ولا ننسى ان ريفنا يعاني من مشاكل حرمان مضاعفة ومركبة وهو ايضا بحاجة ماسة للدراسة الطبيعية والبشرية .
اعتقد ان التوجه لدراسة التنمية البيئة في العراق امر لا مناص منه لاهميته الكبيرة جدا ، واتمنى ان لا تكون الدراسات شكلية وعلى الهامش ، بل حقيقية و في العمق العلمي لما تدرسه و تحاول ابراز حجمه واثاره واهميته ، والله ولي التوفيق والسداد .