الوظيفة : بيت الداء
ماذا تعني الوظيفة عند الكثيرين ؟ هل تم تاهيل خريجي الجامعات العراقية للعمل في الوظائف الحكومية حصريا ؟ هل تشكل الوظيفة حلما ؟ وهل تغير مفهوم الوظيفة مع الزمن ؟ ام هي مشكلة معقدة ؟ هل هناك مقاييس لانتاجية الموظف ؟ اهي كمية ؟ ام نوعية ؟ ام ان مقاييس الجودة تنطبق على المؤسسة باكملها (ليتم تكريم رئيسها) ؟
تعني الوظيفة عند الاغلبية ضمان مادي لحياة الفرد والعائلة ، ضمن منطوق ((قليل متصل خير من كثير منقطع)) و طبقا لسيادة العقلية الاجتماعية و النظرة للوظيفة (باحترام وتقدير عاليين) . وهذا ليس بجديد ، ولهذه النظرة و العقلية نتائجها واثارها القاسية اجتماعيا و اقتصاديا على الفرد و العائلة و الدولة . لذلك فقد اصبح اقتصاد العراق وميزانيته مرهونا بالمورد الرئيسي (النفط) و رواتب الموظفين .
نتيجة ذلك ، اغرقت مؤسسات الدولة بالبطالة المقنعة . ولهذه الحالة المرفوضة اقتصاديا ومهنيا نتائجها السلبية من حيث تعقيد الروتين الرسمي و الانشغال اثناء ساعات العمل بامور لا علاقة لها بالوظيفة . زاد الامر سوء بتشكيلات عسكرية لا سلطة للدولة عليها ولكنها ملزمة بتمويلها بالمال . ضعف الحكومة وهيمنة الكتل السياسية و تفشي الفساد ادى الى استحداث وظائف فضائية و تعينيات غير موجودة على ارض الواقع ، تتحملها ميزانية الدولة .
فبعد ان كان الحمل ثقيل بقيمة (س) ، مثلا ، فقد اصبح ثقيلا بقيمة (س^10) . وللتغطية على مجريات الامور لا يتم المصادقة على الميزانية ولا الاعلان عنها . ومن الجوهري الاشارة الى ما يسدد من ميزانية العراق الى متقاعدين من خارجه ، و معاقي الحروب و المعتقلين السياسيين .
نعود الى الاسئلة الواردة في المستهل ، قد لا يكون خريج الجامعة العراقية مؤهلا (مهنيا ونفسيا) للعمل خارج مؤسسات الدولة ، ومع الوضع الراهن (اقتصاديا وسياسيا و علميا) من الضروري ان يعاد النظر ويتم التأهيل للعمل ضمن سياقات العمل في الالفية الثالثة ، وان لا يبقى متخلفا عن غيره من خريجي الجامعات العربية والعالمية . نعم تشكل الوظيفة حلما عند الكثيرين ، وهذا ما ادى الى تفشي عملية بيع المناصب و الوظائف ، لان الوظيفة ، اضافة الى موردها البسيط ممكن ان تفتح بابا للارتزاق الحرام . بهذا ولهذا السبب تغير مفهوم الوظيفة و سبل السعي للحصول عليها .
في دول العالم الاخرى هناك معايير للاداء الوظيفي ، تعتمد في التعيين و في تشذيب المؤسسة لتطوير عملها والارتقاء بالعاملين فيها مهنيا . انها معايير كمية و نوعية نفتقدها . ومن المؤلم ان الصيغة السائدة الان هي تكريم المسئول عن اداء غيره من الموظفين والعاملين في المؤسسة ، متناسين ان عملية النجاح مشتركة يتحمل عبئها الجميع وليست منوطة بشخص معين .
والله ولي التوفيق