خطوات رسم استراتيج بحثي
وردتني رسالة من زميل عزيز علي نصها ((دكتور سلام عليكم هل يوجد لديك موضوع رسالة ماجستير والآخر دكتوراه حيوي وحديث في جغرافية المدن أو بالمشكلات الحضرية )) ، وبدلا من ان اقترح عليه موضوعات فضلت ان اؤشر خطوات رسم الاستراتيج البحثي لقسم الجغرافيا ، عموما ، ولاخي وزميلي بشكل خاص كي يستنبط من نفسه الموضوعات التي لها اولوية للبحث والدراسة . فرئاسة القسم العلمي هي قيادة علمية لها مكانتها في خدمة العلم والوطن ، فهي ليست منصبا اداريا لتصريف الاعمال .
للجامعة ثلاث وظائف منصوص عليها في قانون التعليم العالي : التعليم و التدريب و خدمة المجتمع . وهذه الوظائف مكملة لبعضها البعض ، فالتعليم وحده بدون تدريب عملي في التخصص يبقى شكليا و قليل الفائدة ان لم يكون عديمها . اما خدمة المجتمع فهي الارضية التي تقف عليها عمليتي التعليم والتدريب . فهي الاطار الاوسع الذي يضم الوظيفتين ويؤطرهما . السبيل لتحقيق هذه المهمة الوطنية اولا والعلمية ثانيا يتم عبر تنفيذ استراتيج يختصر المسافة والجهود ويؤدي الى نتائج افضل . فالخطوة الاولى هي رسم الاستراتيج العلمي للقسم و تحديد خطوات تنفيذه ومساره للمستقبل القريب والبعيد .
المهمة الكبرى للجامعة هي خدمة اقليمها الوظيفي و تطويره والارتقاء به في سلم العلم والحضارة ، فهي داينمو الحياة والتقدم فيه . ولتحقيق ذلك لابد من تحسس المشاكل التي تواجهه و العقبات التي تعرقل حركته الى الامام . و عملية التحسس هذه هي الخطوة الاولى التي تتبعها دراسة هذه المشاكل و معرفة اسبابها و تاشير نتائجها الانية والمستقبلية . ولابد هنا من ايجاد قنوات تواصل و تعاون بين مؤسسات المجتمع الرسمية و المدنية و الاقسام العلمية في الجامعة و مراكزها البحثية . وبالنسبة للجغرافيا كعلم ، فانه يدرس بيئة المكان وانتظام الاشياء فيه وتكاملها لتشكل شخصيته المعنوية والمادية . يدرس الجغرافي جميع الظواهر الطبيعية والبشرية التي لها بصمات على المكان ، وبالمحصلة النهائية على المجتمع ، مجتمع المكان . فالجغرافي كباحث علمي يشكل عينا اضافية ومصدرا ميدانيا لصانعي القرار في المجتمع ، وبقاءه منزويا بين جدران قاعة الدرس يدل على نقص كبير في تاهيله مهنيا و علميا وبالتالي شل دوره في خدمة المجتمع و تطوير تخصصه والارتقاء به .
اذن ، المهمة الاولى لاقسام الجغرافيا هي ان تدرس جغرافيا – تطبيقيا اقليمها الوظيفي ، وتصنف حالته طبقا للتخصص الدقيق لها . ساعرض هنا حالة تخصص جغرافية المدن وما يمكن اعتماده في عملية رسم الاستراتيج البحثي لقسم الجغرافيا في هذا الميدان . واقصد بمصطلح تطبيقيا : حل مشكلة ، ربط موضوع البحث بالتنمية المكانية ، وبالاستدامة . بمعنى ان لا يكتفي الباحث بوصف الحالة او الظاهرة او المشكلة قيد الدرس ، وانما اقتراح حل اجرائي وعملي لها بعد تحليلها وبما يخدم التنمية المكانية – البيئية و استدامتها .
وجغرافية المدن هي جغرافية اقليمية ، دراسة اقليم ذي مواصفات بشرية و عمرانية معينة في رقعة جغرافية متصلة . اي دراسة هذا المكان بمختلف تخصصات الجغرافيا ، البشرية والطبيعية ، و تكاملها مع بعضها البعض لتشكيلها نظام وطراز حياة اسمه الحضرية . فالموضع والموقع هما بداية الدراسة والتعريف بالمكان ، و المظهر الارضي (مورفولوجية المكان) هو النتيجة ، وما بينهما تتفاعل الكثير والكثير من العوامل والعمليات التي ادت الى الوصول الى الحالة الراهنة . ومنظور الرؤية و التقصي يحدده مقياس Scale منطقة الدراسة . ومقاييس الدراسة مكملة لبعضها البعض : الحي السكني ، الجيرة ، القطاع ، المدينة ، اقليمها المتاخم لها ، علاقتها بالمدن الاخرى ، العالم .
والمدينة كائن حي ، ينمو و يمرض و يشيخ و يقضى نحبه . وكل شيء فيه له دورة حياة (بداية ونهاية) واي شيئ مرتبط بكل شيء . اذا استوعب الباحث هذا فان اعادة دراسة موضوع معين قد تمت دراسته قبل عشر سنوات او اكثر لا يعد تكرارا ، بل التعرف على المرحلة التي وصلت اليها الظاهرة \ المشكلة قيد الدرس في منطقة الدراسة . يمكن عدها دراسة تتبعية ، تتابع مسار موضوع معين في مكان محدد .
والمدينة تعاني من مشاكل لا عد لها ولا حصر ، يمكن تبويب مشاكلها ضمن الفئات الاتية : التركيب الداخلي للمدينة (استعمالات الارض) ، بيئية (التلوث)، اجتماعية (الجريمة ، المخدرات ، الفساد الاداري)، عمرانية (التداعي والارض المتروكة )، التصميم الاساس للمدينة وما ترتبط به من مشاكل في التنفيذ والتجاوز ، الخطة الهيكلية للمحافظة وما يتعلق بها من محاور ذات صلة بالمدينة واستدامتها ، خدمات مجتمعية (الصحة والتعليم) ، بنى تحتية (ماء ومجاري وكهرباء) ، خدمات اقتصادية (نقل ، اتصالات ، مصارف ، تامين) ، خدمات صناعية ، خدمات ثقافية (مسارح ، مرافق ترويحية) . وفي اي من هذه الفئات يجد الجغرافي ميدانا رحبا للتقصي وخدمة المجتمع والارتقاء الحضاري بالمدينة .
ماذا على رئيس القسم ان يعمل ؟
اولا : اعتماد الاوراق الكبيرة التي تستخدم في ورشات العمل و الدورات التدريبية لتسجيل المطلوب في ادناه . وفي حال عدم توفرها يمكن اعتماد برمجيات الحاسوب للقيام بالمهمة .
ثانيا : تخصيص صفحة (فايل في الحاسبة) لكل فئة من الفئات المذكورة انفا ، تسقط فيها المعلومات المتوافرة عن هذه الفئة . ويمكن اضافة معلومات عن التدريسيين والباحثين الذين انجزوا ابحاثا ذات صلة .
ثالثا : كتابة مصفوفة سطرها الاول خاص بالفئات المذكورة في اعلاه ، فكل عمود يخص احد الفئات ، الاسطر الاخرى تسجل فيها عنوانات الابحاث المنجزة لكل فئة ، وبتسلسل زمني .
رابعا : نظرة اجمالية للمصفوفة لتاشير نقاط الخلل (عدم الدراسة ، الاستنساخ والتكرار) .
خامسا : ترتيب المجالات التي لم تغطيها دراسات القسم ضمن اولويات الاهمية وحاجة المجتمع ، وامكانات الملاك البحثي في القسم .
سادسا : رسم ملامح خطة لتطوير القسم واهتماماته وملاكه البحثتي لتغطية النواقص ومكامن العجز ، و الخطة يمكن ان تكون لخمس سنوات او ثلاث على الاقل .
والان ، مقترحي التركيز على الموضوعات الاتية لاهميتها ، علما بان الفرق بين رسالة الماجستير واطروحة الدكتوراه يتمثل في مدى العمق في التحليل ، و سعة الموضوع ومنطقة الدراسة :-
- الزراعة الحضرية ، نموذج دراسة https://www.muthar-alomar.com/?p=2422
- النقل الحضري واستدامته ، https://www.muthar-alomar.com/?p=2379
https://www.muthar-alomar.com/?p=2180
https://www.muthar-alomar.com/?p=2116
https://www.muthar-alomar.com/?p=1716
- التسرب من المدارس وانتشار المخدرات فيها
- الجريمة الحضرية https://www.muthar-alomar.com/?p=2036
- المجمعات السكنية و التركيب الاجتماعي للمدينة
- الاحتواء الذاتي للجيرات السكنية للخدمات ونظريات التركيب الداخلي للمدينة
- الجامعة كاساس اقتصادي للمدينة
- المدينة العراقية و التذبذبات المناخية
- المرافق الثقافية والترويحية في المدينة
- تنمية المدينة العراقية واستدامتها .