مفهوم المكان في الاتصالات السلكية واللاسلكية
سابقا ، عندما كانت الاتصالات سلكية ، حيث الهاتف متصل بسلك مع دائرة البرق والبريد ، كان لكل مدينة \ لواء \ محافظة رقم خاص بها ، و قد تتشابه ارقام المشتركين (منازل و مكاتب وغيرها) مع غيرها في المدن الاخرى ، الفرق في رقم المدينة فهو دليلها الخاص بها . وعندما تتصل بشخص ما لست بحاجة الى ان تساله اين انت ، لانك تعرف مكان الهاتف . فالمكان محدد مسبقا ومعروف سواء للهاتف (المنزل \ المكتب) او المشترك (المدينة \ المحافظة) .
الان مفتاح الهاتف (الكود) يضم مكانا اوسع (العراق 964) ، و رقم الهاتف خاص بحامله ، لا يؤشر مكانا محددا (لا مدينة ولا محافظة ) ، فهو لا سلكي ، غير مرتبط بسلك ومكان معين ، بل متنقل مع صاحبه اينما رحل و ارتحل . لذلك في كثير من الاحيان يوجه سؤال عام مشترك عند بدء المحادثة : أين انت الان ؟ تحت اي نجمة ؟ هنا قيمة المكان و استخدامه قد تغيرت كليا . فالمساحة توسعت جدا ، و مرونة الاتصال تغيرت بشكل كبير جدا . والادهى امكانية استخدام الرقم نفسه ضمن شبكة التواصل الاجتماعي حتى لو كنت في دولة اخرى .
ماذا بقي اذن ؟ لكل شيء ، واي شيء ، ثلاثة ابعاد : زمان ومكان و الشيئ نفسه . هذه لم تتغير بقيت كما هي ولكن اختلفت مفاهيمها و معانيها ودلالاتها الشخصية . واي شيئ وكل شيئ لا قيمة له بدون زمان ومكان . فالزمان والمكان لا ينفصلان عن بعضهما البعض ، انهما وجهي عملة واحدة تعريفية لاي شيئ و كل شيئ . والاشياء (الاشخاص او اي شيئ) تتغير ، وكذلك الزمان والمكان ، فليس هناك شيء ثابت في الوجود . لكل منها دورة حياة ، بداية ، … ، ثم نهاية ، وكما قيل لكل زمان دولة (مكان) و رجال (اشياء) ….. فالبقاء لله وحده ….
لقد غيرت تقنيات الاتصالات العالم ، سبقتها في عملية التغيير الشامل كل من تقنيات المواصلات ، ثم تقنيات الصناعة ، و الان تقنيات الحواسيب والانترنيت و البرمجة و الذكاء الصناعي ، والله الساتر من تقنيات تتلاعب في الجينات ، وفي خلق الله و مخلوقاته …..