سنو بول التعليم العالي
مشكلة التعليم العالي في العراق حاليا مركبة ومعقدة جدا ، أساسها طبيعة النظام التعليمي (المتخلف) اصلا ، يضاف الى ذلك التردي المستمر لعقود من الزمن . فقد قيل في ندوة في الثمانينات ، كان هدفها هو الارتقاء بمستوى التعليم العالي ، والقائل حينها كان وزيرا للتعليم العالي لمرتين (الهاشمي) : اذا اللي يخرجوهم نص ردن …. شتتوقعون منهم ؟ واقع الحال الان ، من يشرفون و يحاضرون في الدراسات العليا هم بمستوى (كيمونا) طبقا لمعيار الهاشمي … فماذا نتوقع ؟
وللعلم فان كلمة سنو بول Snow ball تستخدم للتشبيه بكرة الثلج المتدحرجة ، وكلما تدحرجت اكثر كلما زاد حجمها و وزنها واصبح صعبا جدا ايقافها . فالتردي في التعليم العالي وصل الى مستوى الامية المركبة . ولعل هناك من يتسائل عن نسبة الامية في الاختصاص بين حملة الشهادات الجامعية (الرسمية) و الاهلية ؟ ونسبتها بين حملة الألقاب العلمية (الكذابة) ؟ وكم هي نسبة الامية تقنيات التحليل العلمي بينهم جميعا ؟ وكم هي امية اللغة (العربية والإنكليزية) بينهم ؟ فالمشكلة اكبر بكثير من عملية تخريج اميين من حملة الشهادات الجامعية الاولية والعليا .. فبهذه الحالة نزيد الطين بللا دون ان نعمل منه شيئا نافعا .
ماهو السبب غير المباشر لذلك ؟ هل هي الجامعات الإقليمية و خضوعها للعلاقات و الضغوط الاجتماعية المحلية ؟ ام السياسية التي تهدف خدمة الخاصة على حساب العامة (التوسع الافقي والعمودي)؟ ام قنوات القبول المنوعة ؟ ام سياسات (الزحف التعليمي غير المقدس) ؟ ام اللهاث وراء الشهادات الاكاديمية لأغراض شخصية ؟ ام توجهات خارجية تنفذ بايدي (عراقية) لتدمير العراق ؟ ام توفر مرافق خدمية تسهل عملية الحصول على الشهادة واللقب دون جهد من الشخص نفسه ؟ والمعيب جدا جدا جدا ان يعلن عنها في الصحف و في وسائط التواصل الاجتماعي و في أروقة الجامعات بدون حياء او خجل . او حتى اتخاذ موقف من قبل الجهات الرسمية المعنية بالتعليم ، ام انها جميعا قد حيكت ببراعة لتحقق الهدف من انهاء العراق بمفاصله واركانه و مجده التليد ؟ الأسباب كثيرة و النتيجة واحدة طالما السكوت (خير) من الاكلام .
واذا اردنا التعمق في الأساس الحقيقي للمشكلة فانه مرتبط اشد الارتباط بالنظام الاقتصادي الراهن و العقلية الاقتصادية السائدة : التعلق بالوظيفة ، التي مصدرها ليس سوق عمل انتاجي بل خدمي : التعليم بشكل خاص . لهذا السبب توجهت الجامعات للتدريس بالدرجة الاولى وليس للبحث العلمي بشكل خاص، حيث نلاحظ ندرة المراكز والوحدات البحثية الجامعية و غير الجامعية ، وقد ارتفعت نسبة البطالة المقنعة في دوائر الدولة جميعا وبدون استثناء ، وبشكل يعرقل عملها ويعيق التقدم المهني فيها ، وما أدت اليه هذه الحالة الى انتشار الرشاوى و الفساد الإداري ، وغيرها من امراض إدارية – اجتماعية – لا أخلاقية .
حسبنا الله ونعم الوكيل